رقم الخبر: 345923 | تاريخ النشر: كانون الثاني 01, 2022 | الوقت: 16:03 | الاقسام: مقابلات |
![]() |
الشاعر السوري" فارس دعدوش" للوفاق:
تعلمت من الشهيد سليماني أن الجهاد الحقيقي يكون في جبهات الشرفصبا يوسف /بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الحاج قاسم سليماني ورفيقه الحاج أبومهدي المهندس بحثنا في عددنا الخاص لهذه المناسبة المريرة عن صوت شاعر شامي مسّ بطريقة أو بأخرى ضفاف الشهيد الحاج قاسم سليماني في حياته ومع ذلك يكون من جيل الشباب الذي اختار مدرسة الشهيد نهجا له فيلم يكن الا الشاعر السوري "فارس دعدوش" نجل الشهيد المجاهد عبدالله دعدوش، وشقيق الشهيدين رامي ومحمد الذين قدموا جميعا أرواحهم فداء لسوريا ومحور المقاومة. فكان الحوار التالي الذي بدأه الشاعر بقصيدة طويلة غراء كانت بعض أبياتها: |
* شعور الإنسان السوري اتجاه البطلين هو شعور بالفخر والنبل والاحترام
سلامٌ على جيشِ الأباةِ المقاوم على محورِ الحقِّ العزيزِ المسالمِ
عَلَتْ فيهِ راياتُ الكفاحِ فَمِنْ هنا قد انتقمَ الأبطالُ من كلِّ ظالمِ...
فَحيَّ على أهلِ الجهادِ إذا ارتقُوا بآياتِهمْ في كلِّ نهجٍ مسالمِ
سلامٌ على قاداتِ روحي إلى العلا سلامٌ على نهجِ الأباةِ المقاومِ
لكم جزيل الشكر والتقدير لمبادرتكم الطيبة في توجيه أشرعة النضال والكفاح نحو وجهة المقاومة الشريفة الخالصة لله وللمقدسات الوطنية والإنسانية، وكذلك لاستقطابكم أقلام الأدباء والشعراء العرب لنكونَ جميعاً إخوةً نجتمع على الكلمة الطيبة التي تجعل البسمة والطمأنينة مستقرة في قلوبنا وقلوبكم لنبني أوطاننا بالخير والتسامح.
اسمي فارس دعدوش، وُلِدّتُ في مدينة دمشق عام 1990، ونشأت في أسرةٍ فقيرةٍ بسيطةٍ تُعْنى بالعلم والمعارف حيث كان والدي رحمه الله قارئاً متمكِّناً يختار لنا أمّهات كتب التاريخ والأدب والعلوم الإنسانية لنقرأها ويشاركنا فيما نقرأ رغم انشغاله بعمله العسكري، فيما كنت أنا أجنحُ بخيالي لقراءة العلوم الفيزيائية والرياضيات والميكانيك الهندسي ولكن رغم ذلك لم تفارقني بذرة الشعر منذ جئت الحياة، فكانت أمي تقول لي: حتى بكاؤك عندما كنتَ وليداً صغيراً كان يحمل موسيقى الشعر.
قرأت الكثير من الأدب والشعر العربي القديم والحديث وحفظت معظمه، وبدأت بالكتابة فعلياً بعمر 14 عاماً، وشاركت في مسابقات الاتحادات الطلابية المعنية بمواهب تلامذة المدارس إلى جانب اهتمامي الشخصي وتنمية موهبتي بكل ماهو مفيد لها، وهذا مادفعني للاعتناء بالأدباء الفارسيين وقراءة الأدب الفارسي والاهتمام قليلا باللغة الفارسية في محاولةٍ مني لقراءة الأدب المكتوب بلسان أهله حتى ينضج فهمي وتتوضح الصور الشعرية في ذهني، فقرأت لجلال الدين الرومي وللشمس التبريزي ولحافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي وأبحرت في بحور عقولهم وعواطفهم فاكتسبت الشرف والغنى المعرفي والثقافي.
درست الإعلام، وأدرس حالياً في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية في جامعة دمشق، وكذلك أدرس في كلية العلوم السياسية، وقد شاركت في العديد من المهرجانات والأمسيات الأدبية العربية والفارسية كمهرجان ميدان ديارماه، ونشرت في صحف ودوريات عربية ومحلية، ونلت عضوية الشعر في الاتحاد العام للكتاب والأدباء و الصحفيين الفلسطينيين إلى جانب مشاركاتي في المسابقات الأدبية العربية وحيازتي لجوائز عدد منها، إلا أنني أبقى الطفل الذي ما زال يبحث عن قصيدته التي لم يكتبها بعد.
لا ينكر إنسانٌ عاقلٌ يملك ضميراً صادقاً أن للشهيد البطل قاسم سليماني فضل على وجوده وعلى إنسانيته، فهو البطل الذي آثر التعب والشقاء على الراحة والسلطة وأبت روحه إلا أن تكون في كل جبهة من جبهات الدفاع عن الحقوق المقدسة وأبى قلبه إلا أن يدافع عن المظلومين في فلسطين وإيران واليمن والعراق وسورية وفي كل منطقة تعاني الظلم والطغيان.
تعلمت من الشهيد البطل قاسم سليماني أن الجهاد الحقيقي في سبيل الله لا يكون في غرف البيوت بل يكون في جبهات الشرف والجهاد المقدس.
تعلمت أن العقيدة الإسلامية لا تتنافى مع الإنسانية، بل تحثُّ عليها، حيث يمكن أن يحمل الإنسان عقيدته في قلبه وبنفس الوقت يحترم عقائد الناس ويدافع عن حقوقهم ويمنحهم الحب والاحترام رغم اختلاف مذاهبهم عن مذهبه.
تعملت من الشهيد البطل معنى الصبر على الابتلاء، ومعنى التوكل على الله عز وجل، وأنني ما دمت على الحق فلن أخشى إلا الله ولن أعمل إلا في سبيله.
وكذلك كان والدي رحمه الله مقاتلا أكرمه الله بالشهادة إلى جانب اثنين من إخوتي، وهذا الشرف لم يكن وليد الأحداث السيئة التي عاشتها سورية، فنحن عرب نؤمن بعروبة فلسطين، وليس من السهل علينا أن ننسى أن لنا أرضا اسمها فلسطين يعاني إخوتنا فيها الظلم والعذاب من عدو غاشم محتل لا يقيم وزناً لله ولا للإنسانية.
إن شعور الإنسان السوري اتجاه البطلين هو شعور بالفخر والنبل والاحترام، فنحن أبناء القائد الخالد حافظ الأسد الذي علمنا أن نحترم الأبطال مهما كانت جنسياتهم ومذاهبهم، وتبقى للأديب والشاعر عاطفة جيّاشة وشعور مختلف ربما يزيد قليلا عن شعور الإنسان العادي إذ تغلب على عاطفة الشاعر مشاعر الحب واللهفة والحزن لأنه يرى الأمور دائما بعين قلبه ويترجمها بشفاه روحه ويدرك تماما أبعاد وجودها في ضميره، ولكنني كواحد بين كل السوريين الذي يحملون فضل سليماني الإيراني والمهندس العراقي في شغاف قلوبهم ويتباركون بصورهم وذكرهم فلا يكاد يخلو شارع من صورة البطلين لأنهما رمزين عظيمين يحق للإنسانية أن تفتخر بهما.
ولا أظن أن شعورنا يختلف كثيرا عن إخوتنا العرب لأن الطين العربي واحد كما هو اللسان العربي واحد. وكما هي العاطفة العربية واحدة، وكذلك لأن البطلين سليماني والمهندس أصبحا رمزين من رموز الإنسانية والرجولة في العالم أجمع.
في الحقيقة ليس من السهل أن تسعفني الذاكرة في جمع كل ما تم عمله ضمن هذا الإطار، لأنَّ العمل كان متواصلا خلال السنتين الماضيتين لتكريس نهج الشهيدين البطلين في أفكار ونفوس الناس من خلال الأعمال الأدبية والأمسيات التي أقامتها المؤسسات الرسمية في سورية وإيران لتخليد ذكرى البطلين، وقد كانت لي مشاركات كثيرة فيها.
ومن ذلك:
كان والدي الشهيد عبدالله دعدوش رحمه الله أحد الجنود المقاتلين مع الشهيد البطل قاسم سليماني رحمه الله، وكان يحدِّثُنا كثيراً عن نبله وتواضعه وإنسانيته وتعامله ببساطة مع كل من حوله، فكان يأكل مما يأكله الجنود، وينام حيث ينامون، ويشرف على العمليات، ويشارك بتنفيذها بنفسه.
وإن أكثر ما يراودني ذكره:
هو قصة الرسالة التي تركها البطل سليماني في بيت أحد مواطني الجزيرة السورية، حيث كتب فيها رجاءً من صاحب البيت أن يسامحه لأنه اضطر أن يدخل بيته دون إذنه، فكتب له رقمه داخل الرسالة لكي يطلب منه التعويض المناسب عن كل ضرر لحق بمنزله، وهذا ما يدل على جوهر الجهاد الحقيقي في سبيل الله وعلى حكمة الشهيد البطل الذي أعطانا الدروس والعبر خلال مسيرته الكريمة.
لم تكن جنازته في سورية بأقل مما هي في إيران، ولكن الحزن الذي سكب الظلام في قلوب السوريين كان أعمق لأن سورية بفقدانه خسرت سندا كانت تتكئ عليه وتسند ظهرها كلما عصفت بها نوائب الزمن، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد في برقية التعزية الخاصة بالشهيد البطل والتي وجهها للشعب الإيراني الشقيق.
لقد لبس السوريين اللون الأسود، وندبت الأمهات، وبكت البنات، ووقف الرجال خاشعين لهول الفقدان المؤلم، ولكننا في النهاية لا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل، وإن رحل سليماني واحد، ففي ضمير كل سوريٍّ يعيش الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
في النهاية لا بد من التواضع والانحناء لروح أبي وإخوتي الشهداء، وإلى روح الشهيدين البطلين سليماني والمهندس، وإلى كل روح صبرت وصمدت وقاتلت في سبيل الله.
وإني أشكر موقعكم الكريم وصحيفتكم المباركة لاهتمامها ودعمها، راجياً من الله عز وجلَّ أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكون في عوننا وعونكم دائما لإعلاء راية الحق والكرامة.
الأکثر قراءة | الیوم | هذا الاسبوع | هذا الشهر |